يتمحور الفرق الجوهري بين المصارف الإسلامية والبنوك التقليدية حول الأسس التي تقوم عليها، والمبادئ التي تحكم عملياتها، حيث إنّ المصارف الإسلامية تعتمد على مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، وهي تلتزم بتجنب المعاملات التي تتضمن الربا (الفائدة)، والغرر (المخاطرة المجهولة)، والتمويل المحرم، مثل: القمار، أو الصناعات المحرمة (مثل صناعة الكحول)، فالمعاملات تتم بناءً على عقود شرعية، مثل: المرابحة (بيع بربح معلوم)، والمضاربة (تقاسم الأرباح والخسائر)، والإجارة (التأجير)، فهي قائمة على أساس التوافق مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، وذلك عملاً بقول الله سبحانه وتعالى:
أما البنوك التقليدية فإنها تعتمد على النظام المالي الربوي، حيث تقوم بتقديم قروض بفائدة، وتدير ودائع العملاء مقابل عائد ثابت (في الغالب) يعتمد على الفائدة السوقية، لذا فإنّ غالب معاملاتها قائمة على أساس الربا (الفائدة)، لأنَّ أساس بنائها الإقراض والاقتراض.
ويمكن إجمال أهم الفروق الأساسية بين المصارف الإسلامية والبنوك التقليدية فيما يلي:
المصارف الإسلامية | البنوك التقليدية |
---|---|
تتلقى الإيداعات من المتعاملين وتستثمرها نيابة عنهم، ويقع التشارك في الربح، والخسارة، والمخاطر. | تقترض الودائع من المتعاملين وتعيد إقراضها للمستثمرين بنسب فوائد محددة مسبقاً، دون تحمل أية مخاطر. |
تقوم بالمتاجرة والمضاربة (وغيرها من صيغ الاستثمار) بأموال المودعين، ولا يجوز لها الإقراض. | تقوم بإقراض أموال المودعين، ولا يحق لها المتاجرة أو المضاربة بأموالهم. |
لا تقوم بتحديد نسب الأرباح على أموال المودعين بشكل مُسبق وقطعي، وإنما يتم تحديد نسب المشاركة، والأرباح تكون بحسب نتائج الاستثمار، ويمكن أن تحدَّد على أساس متوقع. | يتم تحديد نسب الفوائد على الودائع بشكل مسبق متفق عليه. |
العلاقة مع المتعاملين في الاستثمار متنوعة: مشاركة، إجارة، مرابحة، مضاربة، وكالة بالاستثمار، وغير ذلك. | العلاقة مع المتعاملين قائمة على أساس؛ دائن، ومدين (مقرض، ومقترض). |
إذا ثبت مبلغ الدَّين في ذمَّة المتعامل (بسبب بيع مرابحة أو غير ذلك)، فإنَّه يبقى ثابتاً لا تجوز الزيادة عليه. | مبلغ الدَّين متغير؛ يزيد عند التأخر في السداد. |
وبشيء من التفصيل:
المصارف الإسلامية والبنوك التقليدية كلاهما يستقبلان الودائع المصرفية ويمنحان التمويلات، إلا أنَّ تنظيم العلاقة مع المتعاملين يعتبر من الفروق الجوهرية بين المصارف الإسلامية والبنوك التقليدية.
فعند إيداع الأموال لدى البنك التقليدي تنشأ علاقة مديونية ما بين البنك التقليدي والمتعامل، وفي هذه الحالة سيكون البنك مديناً للمتعامل بأصل الوديعة؛ بالإضافة إلى الفائدة، والتي تعد عائداً ثابتاً على رأس المال، وسيكون البنك ضامناً للوديعة بكل الأحوال.
أما في المصارف الإسلامية؛ فإنَّ المصرف لا يتلقى الأموال على أساس المديونية، حيث يتلقى المصرف الإسلامي الأموال من المودعين إما على أساس عقد المضاربة: وهو عقد يكون المال فيه مقدَّم من جانب، والعمل مقدَّم من جانب آخر، حيث يكون المتعاملون "ربّ مال في عقد مضاربة"، في حين يكون المصرف "مضارباً"، أي أنَّه يقوم باستثمار الأموال، ولا تكون أموال المودعين مضمونة من قِبل المصرف إلا في حال التعدي، أو التقصير، أو مخالفة شروط العقد، وإما على أساس الوكالة بالاستثمار : وهو عقد يكون فيه المودع (موكلِاً) والمصرف (وكيلاً) حيث يقوم المصرف باستثمار أموال المودع بالنيابة عنه في استثماراتٍ متوافقة مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية مقابل أجرة وكالة يأخذها المصرف.
ولا توجد علاقة مديونية في المصرف الإسلامي إلا في عقد القرض الحسن إن وجد، حيث يقدِّم المصرف الإسلامي المال على شكل قرض دون مقابل، أو زيادة على المدين.
وبشكل عام؛ فإنَّ الفرق بين المصارف الاسلامية والبنوك التقليدية: أنَّ المصرف الإسلامي لا يتلقى أي فوائد ربوية على أصل المال، وتعتبر هذه الفائدة محرمة وفق مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، ويطلق عليها لفظ "الربا"، إشارة للزيادة المشروطة على رأس المال دون مقابل.
يظهر الفرق بين المصارف الإسلامية والبنوك التقليدية في صيغ الاستثمار من حيث إنَّ البنوك التقليدية تعتمد على صيغة القرض بفائدة كصيغة رئيسية في توظيف أموالها، فتستقبل الأموال على شكل قرض مضمون بفائدة، وتُقرض الأموال للمتعاملين أيضاً قرضاً بفائدة.
أما المصارف الإسلامية فإنَّها تستقبل الأموال بصيغة المضاربة كما ذَكرنا سابقاً، حيث يكون المتعاملون "رب مال المضاربة"، أي صاحب رأس المال، ويكون المصرف "عامل المضاربة"، أي المستثمر للمال، أو بصيغة الوكالة بالاستثمار، حيث يكون فيه المودع (موكلِاً) والمصرف (وكيلاً)، كما أنَّ لدى المصارف الإسلامية مجموعة من الصيغ الشرعية القائمة على أساس البيع والشراء الحقيقي، وهذه الصيغ من الممكن استخدامها في منح التمويلات، مثل: المرابحة، والإجارة المنتهية بالتمليك، والوكالة بالاستثمار، حيث يحرم وفق مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية مبادلة النقد بالنقد مع وجود زيادة مشروطة على رأس المال.
تعتمد المصارف الإسلامية على عقود شرعية مثل المرابحة، والإجارة، والاستصناع، والسلم، وغيرها. حيث تتم المعاملات وفقاً لضوابط شرعية تتجنب فيها الربا، بينما البنوك التقليدية تعتمد على عقود تقليدية للتمويل والقروض بفائدة، مثل القروض العقارية وقروض الشركات وقروض السيارات بفائدة ثابتة أو متغيرة.
يُعَدُّ توزيع المخاطر من أهم ما يميز المصارف الإسلامية عن غيرها، ففي البنوك التقليدية (الربوية) يتحمل الطرف الذي اقترض المال كلَّ المخاطر، فلو أنَّ شخصاً أخذ قرضاً من البنك التقليدي بهدف استثماره، فإنَّه سوف يتحمل كلَّ مخاطر الاستثمار، ويلتزم بِردّ مبلغ القرض للبنك مع الفوائد المترتبة عليه حتى لو خسر في المشروع.
في حين أن المصارف الإسلامية تعمل على توسيع دائرة المخاطر في الاستثمار، سواء كان المصرف مانحاً للتمويل، أو مستقبلاً له، فالمصرف الإسلامي عند منحه للتمويل فإنَّه يتحمل جزءاً من المخاطر بحسب العقد الذي منح التمويل بناءً عليه، ويشارك المستثمر في نتائج الاستثمار؛ ما لم يكن من طرفه تعدٍّ، أو تقصير، أو مخالفة للشروط. وفي حال كان المصرف الإسلامي هو المستثمر، فإنَّ المودِع سيتحمل جزءاً من مخاطر الاستثمار.
وبناءً عليه؛ فإنَّ الفرق بين المصارف الإسلامية والبنوك التقليدية (الربوية)؛ أنَّ البنك التقليدي يضمن رأس المال في حال تم إيداع الأموال لديه، والمصرف الإسلامي لا يضمن رأس المال إلا في حال التعدي، والتقصير، أو مخالفة الشروط.
نلاحظ الفرق بين المصارف الإسلامية والبنوك التقليدية (الربوية) في كيفية توزيع العوائد والأرباح، حيث إنَّ البنوك التقليدية تحدد الأرباح على أساس نسبة محددة من رأس المال، فلو أنَّ شخصاً أودع مبلغاً مقداره ألف درهم لدى البنك التقليدي، وكانت نسبة الفائدة لديه 5%، فإنَّه من المؤكد أنَّه سيحصل على الألف درهم بالإضافة إلى عائد ثابت مقداره: (50 درهماً).
أما في المصرف الإسلامي؛ فإنَّ العائد يتحدد على أساس نسبة شائعة من الربح المتحقق من النشاط الاستثماري، فلو أنَّ نفس الشخص - في مثالنا السابق - قرَّر أن يودع الألف درهم في المصرف الإسلامي، وأخبره الموظف في المصرف أنَّ عائد الربح المتوقع سوف يكون (5%)، فإنَّ هذا لا يعني أنَّه سيستحق (5%) من الربح، إلا إذا تحقَّق هذا الربح فعلاً، وبما أنَّه من غير الممكن معرفة الربح الذي سيتحقق على وجه اليقين، فإننا سنطلق على هذا الربح (العائد) "الربح المتوقع"، بمعنى أنَّه قد يتحقق، وقد لا يتحقق.
وبناءً على ما سبق؛ فإنَّ الفرق في موضوع الربح (العائد): أنَّ ربح البنك التقليدي محدد ومعلوم منذ اللحظة الأولى من إيداع المال لدى البنك، أما في المصرف الإسلامي فإنَّه عائد متوقع يحدد على أساس نسبة من الربح المتحقق نهاية مدَّة الاستثمار.
في المصارف الإسلامية لابد من وجود جهات رقابة شرعية تعمل على المراجعة والتدقيق لضمان صحة عمل المصارف، فحيث تشترك المصارف الإسلامية والبنوك التقليدية في بعض الجهات الرقابية، مثل: رقابة البنك المركزي، والجمعية العمومية، ومراقب الحسابات، والمراقب القانوني، فإنَّ المصارف الإسلامية تختص بوجود الهيئة العليا الشرعية، ولجنة الرقابة الشرعية الداخلية، وقِسمي: الرقابة الشرعية الداخلية، والتدقيق الشرعي الداخلي، وذلك لضبط مدى التزام المصارف بمبادئ وأحكام الشرعية الإسلامية، وسلامة العقود من المخالفات الشرعية.
الحوكمة الشرعية لمصرف الإمارات الإسلامي:
يطبق مصرف الإمارات الإسلامي ("المصرف") آلية حوكمية شرعية متينة لضمان توافق جميع الأنشطة، والمنتجات، والخدمات، والعقود التي يقدمها مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، وذلك من خلال إشراف الهيئة العليا الشرعية لمصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي ("الهيئة العليا")، والإرشادات واللوائح الصادرة عنها.
وتماشىياً مع إطار الحوكمة الشرعية لمصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي ("المصرف المركزي")، أنشأ المصرف نهج خطوط الدفاع الثلاثة والتي تشمل: وحدات الأعمال، إدارة الرقابة الشرعية الداخلية، وإدارة التدقيق الشرعي الداخلي. تدعم هذه الوحدات أنشطة الحوكمة الشرعية في المصرف، ونطاق الإشراف والتقارير.
ويشرف على المصرف بشكل عام لجنة الرقابة الشرعية الداخلية ("اللجنة الشرعية")، والتي تتكون من علماء شرعيين متخصصين ومستقلين، حيث تعمل اللجنة الشرعية وفقًا للقرارات والمعايير والإرشادات الصادرة عن الهيئة العليا، وتشرف على جميع الأعمال، والنشاطات، والخدمات، والمنتجات، وذلك للتأكد من أنها متوافقة مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية.
وتعتبر الفتاوى والقرارات الصادرة عن اللجنة الشرعية مُلْزِمَةً للمصرف، بالإضافة لذلك؛ تُصدر اللجنة الشرعية تقريراً سنوياً عن أنشطتها، ويتضمن تأكيداً على امتثال المصرف لمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، وقراراتها.
تتكون اللجنة الشرعية في المصرف من: